من عقليات المجتمع الموريتاني(٢)…!

في “الكَتْبَة” الماضية تحدثتُ عن واحدة من أقدم عقليات المجتمع الموريتاني ، والتي أحدثتْ ثورة حقيقيةً في عالم الفساد ، و “شَيّأَتْهُ” حتى أصبح جُزءًا من شخصية كلّ مسؤول !.
قال تعالى :
{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } .
أما في هذه الكتبة ، فخذ عقلية : الما نافق ما ايوافق!
●من لم ينافق لا يمكنُ أنْ يوافق ، ما دام النفاقٌ وسيلةٌ لكسب ودّ الناس والتقرّب إليهم ، مأجورٌ فاعلهُ و مرفوعٌ عنْهُ الحرج !.
● النفاقُ كذلك تعبير راقيّ جدا عن الوفاء و الإخلاص ، لا يكونُ “الأدخنُ” بدونِهِ شيئا مذكورا !.
● توطّدُ هذه العقلية للنفاقِ ، وترسخُهُ في عقلِ النشئِ ، جاعلةً منهُ عبادةً للمشعوذين و أهل الدثور مدفوعة الثمن!.
والنفاقُ هذا رديفهُ عندنا في السياسةِ ، التزويرُ الذي يتفاخر به الساسة والمسؤولون أيامَ الإنتخاباتِ ، ويصفونَه بالعمل البطولي (أتْفَكريشْ) ، ويشكّلُ حرجًا كبيرا لهم في غيرِ تلك الأيامِ المباركةِ !.
ومن سوئاته على كثرتها ، أنّهُ من أَشرفِ أنواع النضال عندنا و أكثرها مدنية ، فوجهاء المجتمعات ومسؤولوهُا يلقنونَه لأفرادِها ، مُعتبرين إيّاه وسيلة لإنتزاعِ الحقوقِ ودرءِ المفاسد عنها ، معللينَ ذلك بأن الدولة : ما تُعارض ! ، غيرَ أنّ هذا النفاق لا بأسَ بهِ بالمقارنة مع نفاقِ المثقفين وتزلفهم ، ولأولي الألباب عبرةُ في عبارة : الرجل المناسب في المكان المناسب !
وليسَ بدعًا ، أن يوصف المنافقُ بالبطل(المتفكرشْ) ، الذي “يَكلعْ وِاحُوصْ!” ، في مجتمع يحرّمُ الكذبَ دونَ أن يقولَ الحق (الكذْب أحرامْ والحكْ ما ينْكَالْ!)!.
قال تعالى: (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ).