رسالة إلى والدي الراحل بمناسبة اليوم العالمي للمتقاعدين

أبي الحبيب، يا من رحلت عن الدنيا بعد عمر طويل من العطاء،
أنا ابنك إسحاق، حفيدك الذي كنت تقول إنك لم تجد الوقت الكافي لأجل والده ولأعمامه بسبب انشغالك بخدمة وطنك في كل مراحله الصعبة: من إسعاف المتضررين في أعماق موريتانيا أثناء سنوات الجفاف، إلى التفاوض مع الحلفاء للحصول على دعم جاكوار أثناء الحرب، ومن إشرافك على ورشات الوطن الكبرى من طرق وسدود مازالت تنفع الناس حتى اليوم، إلى انهماكك في مهام الإدارة والجيش عندما كنت مسؤولًا ساميًا.
اليوم، أجد نفسي طفلًا في التاسعة من عمري، مبتلى بطيف التوحد، وأقف أمام عالم لا يعرف إلا الأقوياء، ولا يترك مكانًا للمريض أو العاجز. وجدت نفسي خارج لوائح مركز زايد للتوحد هذا العام، رغم أنني أستحق مكانًا مثل أي طفل آخر، فقط لأننا لم نملك “البرستيج الاجتماعي” أو “الخزان الانتخابي”.
أبي، كنت قد علمتنا معنى العطاء، ومعنى أن نخدم الناس بلا خوف من الفقر أو الإقصاء. واليوم، ها أنا أشعر بالوحدة، وأرى أن ما بنيته أنت وجدي، الذي اختار لنا البقاء في موريتانيا رغم خيار العودة إلى فرنسا، وغرس فينا حب الوطن، لم يحمِ طفلكم من الجحود الاجتماعي والسياسي.
أنا أكتب لك هذه الرسالة لأقول: أنا ما زلت هنا، أحمل إرثك، أحمل روحك الشجاعة والكريمة، وأحمل براءتي كطفل مختلف. لكنني أحلم بيوم يفهم فيه الجميع أن أطفال التوحد لا يجب أن يكونوا رهائن حسابات الدولة والمجتمع، وأن مكاننا في هذا الوطن حق لا امتياز.
ابنك وحفيدك،
إسحاق أحمد

