كيف أطمح لجيشنا./(أحمد جبريل عبد الله

ليس من السهل أن تتحدث عن جيشك وأنت ابن بيئةٍ عسكرية، تربيت على الانضباط والوفاء والاعتزاز بالبدلة التي حملتْ راية الوطن.
وليس من السهل أيضًا أن تصمت حين ترى هذا الإرث العظيم يتعرض لمحاولات إضعافٍ ممن لا يميزون بين النقد الهادف والتجريح الخفي.
لقد قرأتُ مؤخرًا بعض التعليقات التي تُلمّح خلسةً إلى أني سخرت من تجهيزات الجيش أو شككت في جاهزيته.
وهنا أقولها بوضوح: لم ولن أسخر من جيشٍ هو شرفنا وعزتنا، بل أطمح له أن يكون كما يليق ببلدٍ غنيٍّ بالرجال وبالموقع وبالتاريخ.
حين أتحدث عن ضرورة التحديث والتجهيز، فأنا لا أقدح في من ضحوا أو في من يقودون، بل أدعو لأن نرتقي جميعًا إلى مستوى التحديات الإقليمية.
إن الجيوش لا تُقاس فقط بعدد طائراتها أو عرباتها، بل بروحها القتالية، وبنزاهة منظومتها، وبقدرتها على التطور بعيدًا عن المجاملة والمحسوبية.
إن وطنيتي لا تسمح لي أن أصفق للضعف، ولا أن أُجامل في قضية الدفاع عن السيادة.
الجيش الذي أحلم به ليس جيشًا يُرهب شعبه، بل جيشٌ يحميه، يُطوّر نفسه، وينفتح على الخبرة، ويعيد الثقة بين السلاح والمواطن.
أطمح لجيشٍ يُحسب له ألف حساب في الإقليم،
جيشٍ يَفرض احترامه لا ببيانات إعلامية، بل بمستوى تنظيمه، وشفافيته، وكفاءته.
أطمح لجيشٍ يُكرَّم فيه المجدّون لا المقرّبون،
ويُستفاد فيه من الخبراء لا يُقصَون خوفًا من ظلّهم.
لقد آن الأوان لأن نتحدث بصدق عن واقعنا،
فمن يحب وطنه لا يجامل في أمنه،
ومن يجلّ جيشه لا يُخفي النصح حين يرى الخلل.
كيف أطمح لجيشنا؟
أطمح له أن يكون مرآةً لنقاء هذا الشعب،
ودرعًا لا يتآكل بالفساد،
وسيفًا لا يُستخدم في الحسابات الضيقة.