نص وثيقة الاتفاق السياسي بين حزب الإنصاف وحزبين من المعارضة
بسم هللا الرحمن الرحيم
اتفاق سياسي
تمهيد:
لقد اتسم المشهد السياسي الوطني منذ االنتخابات الرئاسية األخيرة حتى انتخابات 13
مايو2023 بجو من االنفتاح و التهدئة نتيجة تالقي اإلرادات بين فخامة رئيس الجمهورية و
المعارضة؛ وهو ماكانت الساحة السياسية في أمس الحاجة إليه؛ حيث شكلت هذه المقاربة في
تسيير الشأن العام قطيعة جلية مع نمط الحكم الذي كانت تتبعه السلطة السابقة.
جوهر االتفاق
فعلى مدى أريع سنوات استجابة بالفعل المعارضة الديمقراطية المستنيرة و المسؤولة بشكل
ايجاب ي لهذه المقاربة الجديدة؛ التي تحدد الحوار الصريح و البناء بين مختلف الفاعلين
السياسيين. كما تقبلت اليد الممدودة من طرف رئيس الجمهورية خاصة وأنه قد عبر عالنية عن
تشبثه بالقيم و مشاريع اإلصالح التي دافعت عنها المعارضة بال كلل وال ملل على مدى السنين.
وتتعلق هذه القيم والمشاريع على وجه الخصوص بتقوية اللحمة االج تماعية و الحفاظ على
الوحدة الوطنية من خالل القضاء على ممارسات الرق ومخلفاته و تسوية ملفات حقوق اإلنسان
والمظالم العالقة واإلصالح الضروري لمؤسسات الدولة والحاجة الماسة إلى إرساء الحكم
الرشيد .
كما تتعلق بتحسين الظروف المعيشية للمواطنين؛ وتوفير خدمات عامة ناجعة سواء فيما يتعلق
باألمن والتوظيف والصحة والتعليم؛ وكذلك بالتشاور بين الشركاء السياسيين حول كافة القضايا
الوطنية الجوهرية؛ وقد أدى التقارب في وجهات النظر بين السلطة و المعارضة حول مثل هذه
المواضيع الوطنية إلى إبرام اتفاق بين الحكومة و األحزاب السياسية بشأن إجراء إصالحات
على المدونة االنتخابية تهدف إلى تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة هي وحدها الكفيلة بمنح
المنتخبين ثقة المواطنين كشرط أساسي مسبق لمشروعية تمثيله .
و انطالقا من االهتمام المشترك بين الطرفين بشأن مستقبل موريتانيا يأتي هذا االتفاق في سياق
وطني دقيق ح يث تسعى بعض القوى لجر البالد إلى عدم االستقرار بل وحتى إلى الفوضى؛
وعلى الرغم من البعد االيجابي لالتفاق المذكور فإن تطبيق البنود المتعلقة بالعمليات االنتخابية
كشف عن اختالالت ونواقص ندد بها جزء كبير من الطبقة السياسية مطالبا لهذا السبب بإصالح
النظام االنتخابي.
إن حالة الخالف التي سادت بين القوى السياسية بعد انتخابات 13 مايو 2023 تأتي في الوقت
الذي تحتشد فيه شبكات اإلرهاب والتهديد على حدودنا وتنمو فيه الجريمة و تتنوع في حيزنا
الجغرافي، ويضاف إلى هذه المصادر المثيرة للقلق الشديد حالة عدم االستقرار و انعدام األمن
السائد في المنطقة حيث أضحت لألسف العديد من البلدان في قبضة االضطرابات و األزمات
المفتوحة على الصعيدين السياسي و االجتماعي؛ وذلك في سياق أزمة دولية حادة تتميز على
وجه الخصوص في اندالع حرب شبه عالمية
خارطة الطريق
إننا نحن األطراف الموقعة عاقدين العزم على مواجهة هذه التحديات ؛ والمخاطر المتعددة؛ نؤكد
من جديد تشبثنا بالمحافظة على استقرار وأمن بالدنا من خالل إرساء نظام يقوم على العدالة
اجتماعية وسيادة القانون و الديمقراطية.
تعتبر أن األغلبية و المعارضة هما الفاعالن الرئيسيان للديمقراطية و أنهما تتحمالن كل فيما
يخضها المسؤولية السياسية واألخالقية عن كل ما يمكن أن يحدث للبلد بسبب انعدام الرؤية
وغياب التبصر. يقرر تجاوز تناقضاتنا خدمة للمصالح العليا لألمة ولتجنب المخاطر التي قد
تواجه بلدنا جراء الخالفات أيا كانت طبيعتها داخل الطبقة السياسية.
تعتزم القيام على وجه السرعة بدراسة معمقة لنظامنا االنتخابي؛ وإذا لزم األمر الشروع في
إصالحات ذات الصلة من أجل التغلب على الو ضع الناجم عن االنتخابات األخيرة؛ وتجنب أي
خالف انتخابي في المستقبل.
نعرب عن إرادتنا المشتركة في إجراء اإلصالحات األساسية الضرورية لصون الوحدة الوط نية
وتعزيزها، وترسيخ قيم الديمقراطية ودولة القانون؛ وتحقيق العدالة االجتماعية والحكم الرشيد ؛
وكذلك من اجل تحسين الظروف المعيشية لمواطنينا الذين يعانون جراء األزمة و بسبب
تداعيات األوضاع الناجمة عن العشرية المنصرمة.
وسيتم إجراء هذه اإلصالحات في إطار وطني شامل و تشاوري على شكل ورشات انطالقا من
قائمة الموضوعات الملحقة بهذا االتفاق والتي تشكل جزء ال يتجزأ منه.
نعلن عن إنشاء تفاهم سياسي وطني جمهور وديمقراطي يدعى الميثاق الجمهوري مفتوح أمام
جميع الفاعلين السياسيين الراغبين في االنضمام إلينا من اجل تنفيذ اإلصالحات المذكورة أعاله
نعلن أن الميثاق الجمهوري سيعمل على جميع األصعدة وبكافة الوسائل للمضي قدما ببالدنا إلى
المزيد من الوئام والوحدة والتماسك االجتماعي؛ ومن ثم إلى الديمقراطية و التنمية و االزدهار.
أخيرا نتفق على إنشاء لجنة للسهر على تنفيذ هذا االتفاق في أجل ال يتجاوز شهرين من تاريخ
توقيعه، وتتكون اللجنة من ممثلين عن األطراف الموقعة.
ملحق االتفاق السياسي
ستتمحور اإلصالحات المذكورة في نص االتفاق السياسي بشكل خاص حول المحاور التالية:
ـ القيام على وجه السرعة بدراسة معمقة لنظامنا االنتخابي؛ والشروع في اإلصالحات ذات
الصلة من أجل التغلب على الوضع الناجم عن االنتخابات األخيرة؛ وتجنب أي خالف انتخابي
في المستقبل؛
ـ استحداث آلية ذات مصداقية لحل ملفات حقوق اإلنسان؛ والمظالم العالقة والعمل من أجل
تسويتها بصفة نهائية؛ مع األخذ بعين االعتبار بما قيم به من سابق إجراءات في هذا الصدد
ـ اعتماد تدابير ملموسة تهدف إلى ترجمة التنوع الثقافي للبلد إلى واقع في المجال العام السيما
على مستوى وسائل اإلعالم؛ والبرامج التعليمية؛ والفعاليات الرسمية،و االعتراف بقابلية اللغات
الوطنية ا إلفريق ية للولوج إلى مرتبة اللغات الرسمية؛
ـ السهر على تفعيل و تطبيق المنظومة القانونية المجرمة للممارسات االسترقاقية و العنصرية
والغير منصفة في حق الفئات المغبونة؛ و إنشاء آلية وطنية لرعاية ضحايا هذه الممارسات ؛
وإعادة دمجهم في المجتمع بما في ذلك اعتماد و تنفيذ سياسة وطنية متكاملة للتمييز االيجابي
لصالحهم؛
ـ تكريس مبدء المساواة وتكافئ الفرص بين عموم أفراد الشعب في كافة المجاالت و على
جميع األصعدة .
ـ محاربة ارتفاع األسعار من خالل التدابير المناسبة التي من شأنها أن تحمي بشكل مستديم القوة
الشرائية للمواطنين؛
ـ وضع آلية فعالة لتعبئة وطنية من أجل دعم وتعزيز سياسة هادفة إلى تحقيق اكتفاء ذاتي في
المجال الغذائي؛
ـ تعزيز الحكم الرشيد في مجاالت تسيير الشأن العام و اإلدارة و المالية العامة من خالل
تعزيز آلية وطنية لمكافحة الرشوة و تنفيذها بفعالي؛
ـ الحرص على تطبيق توصيات المشاورات الوطنية حول إصالح التعليم؛ وتكاتف جهود القوى
الوطنية من أجل إنجاح المدرسة الجمهورية؛
ـ الحرص على تطبيق توصيات المشاورات الوطنية حول إصالح العدالة؛
ـ تطبيق الفصل الصارم بين الوظائف السياسية؛ والفنية و المضي قدما في النأي باإلدارة العامة
عن المعترك السياسي والمسابقات االنتخابية؛
ـ العمل على النهوض باألحزاب السياسة والصحافة والمجتمع المدني والقطاع الخاص و
المجموعات المحلية للعب دورهم كفاعلين رئيسيين في تنمية البلد؛
ـ العمل على إقامة حوار اجتماعي م ستديم بين الشركاء االجتماعيين والسهر على حماية حقوق
العمال؛
ـ وضع إستراتجية وطنية متكاملة لحماية األطفال والشباب من المخدرات و االنحراف و العنف
و معالجة البطالة وهجرة الشباب ؛
ـ السهر على ت وفير المزيد من التمكين للنساء والشباب وذوي االحتياجات الخاصة؛ والعمل على
دمجهم في الحياة السياسية و االقتصادية و الثقافية في البلد؛
ـ إنشاء صندوق سيادي يغذى من إيرادات المحروقات ؛ ويخدم التنمية االقتصادية المستدامة و
المتوازنة للبلد، ويحافظ على مصالح األجيال القادمة؛
ـ السعي لضمان حشد الخبرات وتشجيع االستثمارات من قبل جالياتنا في الخارج لصالح الوطن