خطاب تاريخي للرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله من لمدن

يونيو 2009- خطاب عبر الفيديو وجّهه رئيس الجمهورية الشرعي لأصدقاء موريتانيا في فرنسا وهم مجتمعون بمبنى الجمعية الوطنيه الفرنسية (قصر البوربون) في أمسية نظمتها جمعية “آسي” ACE”,
(Arrêtez -Coups -d’Etats)
(أوقفوا الانقلابات العسكريه)
سيداتي، سادتي،
إنني اخطابكم من قرية لمدن، و هي بلدة صغيرة تقع في الصحراء الموريتانيه، أرض الرجال التي كان سانت-أكسبيري مشغوفا بها.
إن سِحر التكنولوجيا يمكّنني من مخاطبتكم و أنتم ملتئمون بمباني الجمعية الوطنية الفرنسيه التي تعتزُّ بأنها وارثة جمعية 1789 التأسيسية.
إنني أخاطبكم، أنتم البرلمانيين، أنتم الصحفيين , أنتم الجامعيين، أنتم المثقفين، أنتم الناشطين في حقل الدفاع عن حقوق الانسان و الذين رافقتمونا في مكافحتنا للاسترقاق، و في البحث عن الحل المناسب للملف المؤلم المتعلق بالارث الإنساني، كما أخاطبكم أنتم المواطنين الفرنسيين، و الموريتانيين المقيمين بفرنسا، أو الجامعين للحالتين معا..
إنني أخاطبكم بصفتي رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية المنتخب في يوم 25 مارس 2007 عبر اقتراع اتّسم بالحرية والشفافية، و قد نلتُ فيه نسبة تقارب 53 بالمائة من أصوات المواطنين، و أطيح بي يوم 06 أغسطس 2008، و كان من أطاح بي هو قايد أركان حرسي الخاص.
وقع ذلك فبل عشرة شهور، حين اغتصب الجنرال محمد ولد عبد العزيز السلطة التي كان الموريتانيون قلدونيها بكامل حريتهم والتي مارستها لمدة 15 شهرا.
كنت يومها قد أقسمتُ أمام الله،و امام الموريتانيين و أمام شركائنا و من بينهم فرنسا،أن أحمي الدستور و ان أسهر على حسن و انتظام سير مؤسساتنا الدستورية، وقد بذلتُ ما بوسعي في سبيل ذلك كي أبرّ يميني و أفيَ بالعهد الذي أخذت على نفسي، و إني مصمم على الاستمرار في ذلك .
لقد سارعتْ دولتكم فرنسا ، إلى التنديد بالانقلاب العسكري و عمَلتْ على تمرير موقفها و على تبنّيه داخل الاتحاد الأوروبي الذي كانت حينها ترأسه.
اتخذتْ دول كبيرة أخرى الموقف ذاته كما اتخذته هيئات و منظمات دولية عديدة، بل إن الاتحاد الأفريقي و الولايات المتحدة الأمريكية ذهبا إلى أبعد من ذلك، حيث أدرجا اسماء أعضاء الزمرة الانقلابية و أسماء أعضاء حكومتها و المتعاونين معها، و داعميها السياسيين و مُموِّليها ضمن لائحة سوداء؛ فالعقوبات الموجهة ضد الأفراد كفيلة بردع الاننقلابيين، بالإضافة إلى كونها تُجنِّب الأهالي ويلات الحصار.
إن الجنرال محمد ولد عبد العزيز يسعى اليوم جاهدا في إضفاء صبغة المشروعية على خيانته…و من أجل ذلك خلع اللبسة العسكريه و قرر أن يجعل نفسه رئيسا منتخبا للجمهورية، و طفق ينظم انتخابات أحادية، متخذا التدابير الكفيلة بتقليص عدد منافسيه الى الحد الأدنى الممكن…بل إنه اختار هو نفسه منافسيه و أمدّهم بالمستلزمات اللوجستية و وجه إليهم بعض الناخبين…
إن تاريخ الانتخابات المغشوشة غنيٌّ بكمٍّ وافرٍ من الأساليب المتجددة و المتفاوته في البراعه…لكنْ من المحتمل جدا أن تكون هذه هي المرة الأولى التي يختار فيها مرشّحٌ منافِسيه و يضمن لهم الحصول على نسبة من الناخبين…و سيجري الاقتراع حسب أجندة الانتخابات يوم السبت السادس من يونيو. وعلى الرغم من أنكم بعيدون من موريتانيا، و لديكم انشغالات أخرى، لاشك انكم وصلتْكم أصداء المظاهرات و الاعتصامات،و المسيرات البيضاء، و السهرات التي ينظمها الموريتانيون، و بصورة خاصة و ملحوظة الموريتانيات، ضد الانقلاب، و ضد الأجندة الأحاديه التي أملتْها الزمرة العسكريه.
لقد تعرضت النساء للضرب، و تعرض المنتخَبون للمعاملات السيئة وهم متقلدون أوشحتهم المميزة ، و تعرض بعضهم للضرب المبرح من طرف قوات الأمن، و لم يزل الوزير الأول السيد يحيى ولد احمد وقف و عدد من معاونيه يقبعون في السجن، فيما يبقى البلد معطلا، غارقا في تصفية حسابات من كل الأنواع، و عرضة لجشع عصابات و جماعات تنهبه نهبا ممنهجا و بمنتهى البراعة..
ما السبب في كل هذا ؟
السبب هو أن ضابطا بدا له أن رئيس الجمهورية ، رئيسه الآمر، لم يكن ينبغي له أن يجرده من منصبه، زيادة على كونه ينتهج سياسية لا ترضيه…
سيداتي، سادتي،
لقد انتظم شركاء موريتانيا ضمن مجموعة تشاورية دولية، و ها هم عادوا إلى جنب سرير موريتانيا، ولهم مني بالغ الشكر على ذلك…
لكني قلت لمواطني الموريتانيين إن الحل لن يأتي إلا من الحوار بين الموريتانيين أنفسهم.
لقد انتُخِبتُ للرآسة لمدة خمس سنوات، و ولايتي تتواصل حتى سنة 2012…لكني قلتُ أيضا لمواطني، بمن فيهم أولئك الذين ضلوا عن القصد بمؤازرتهم لِلاّدستورية، بأن عليهم أن يلتقوا حول طاولة و يناقشوا أمورهم، وإني ألتزم بتطبيق ما يتفقون عليه، بشرط ألا يكون فيه خرق للدستور.
سيداتي، سادتي،
لقد فتح انقلاب الجنرال ولد عبد العزيز الباب أمام انقلابات متعددة في القارة الافريقية، وهو مع ذلك لم يتكرس بعد و لم يُثبِّت أركانه، و ما زال وليدا هشًّا، و سيكون في إفشاله ردع لمُنْقلِبين كثيرين .. فساعدونا على إنهائه.
لا تدَعوا الجُبّة العسكرية تُغطِّي موريتانيا من جديد.
عاشت موريتانيا،
عاشت الديموقراطية،
عاش احترام اختيار الشعب.
أشكركم.