سنة واحدة لا تكفي -الأستاذ مصطفى ولد اكليب

سنة واحدة لا تكفي
لا للإنجاز ، ولا للحكم على أداء نظام سياسي .
ولكن من خلالها يمكن أن نعرف التوجه من خلال معرفة المؤشرات الدالة عليه .
الرسائل
لقد كان الرئيس محمد ول الشيخ الغزواني حريصا _ خلال هذه السنة _ على إرسال مجموعة من الرسائل يؤكد بواسطتها أن نظامه ليس استمرارا لنظام صديقه محمد ولد عبد العزيز .
خصوصا ان الكثيرين كانوا يعتقدون أن الرئيس السابق سيظل ممسكا بمقاليد السلطة من وراء حجاب ، وأن الرئيس الحالي سيظل مجرد واجهة .
_ الرسالة الأولى تمثلت في الانفتاح على المعارضة التي دأب الإعلام الرسمي على وصفها بالراديكالية وبالمتطرفة ، حيث تم استقبال قادتها وشيوخها في القصر الرئاسي للتشاور وتمت دعوتها للمشاركة في الفعاليات المخلدة لعيد الإستقلال بأگجوجت .
وهو مسلك مخالف للنهج الذي كان سائدا خلال العشرية السابقة .
الرسالة الثانية : موجهة إلى المولاة ، وملخصها أنه لا خوف عليها من هذا الإنفتاح لأنه لن يصل مرحلة التعيينات ، او استبدال المواقع أو تغيير التحالفات .
على الاقل قبل تجديد هذا البرلمان .
طريقة إدارة الحكم
من الميزات الأساسية التي تميز النظام الديمقراطي عن غيره من أشكال الحكم ، توزيع السلطة بين مجموعة من المؤسسات ، تجنبا لإنتاج طاغية مستبد ، يمسك بكل الخيوط في يديه .
ومن الواضح الجلي ان السلطة التنفيذية ، خصوصا مؤسسة الرئاسة ، ظلت بالنسبة لديمقراطيتنا المؤسسة القوية الفاعلة ، وظلت السلط الاخرى ( السلطة التشريعية ، السلطة القضائية ، الإعلام الرسمي ) مجرد واجهات يتم تحريكها كما تحرق البيادق ، وقد بلغت هذه الطريقة في إدارة الحكم أشدها واستوت على سوقها زمن العشرية .
اما مع الرئيس محمد ول الشيخ الغزواني فقد بدأت السلطة التنفيذية تعود إلى حدودها التي رسمها لها الدستور ، مبتعدة عن نهج التغول والتمدد والتصخم الذي اتسمت به قبل وصوله إلى الحكم .
وهذا المسلك الجديد هو الذي جعل السلطة التشريعية ، قادرة على تشكيل لجنة للتحقيق في بعض ملفات الفساد زمن العشرية .
وهو الذي سيجعل السلطة القضائية تثبت استقلاليتها ، لتقوم بدورها المنوط بها ، من اجل تعزيز الحكامة الرشيدة .
وقد بدا الإعلام الرسمي يصبح أكثر قربا من المواطنين وتعبيرا عن همومهم ومعاناتهم .
وبدا يستقبل الطيف السياسي بكل ألوانه ومكوناته .
كل هذا جيد ولكن
إذا كان النظام قد بدأ عهده بشيء من الشفافية والمكاشفة في إدارة الشأن العام ، والإبتعاد عن التستر وحماية الضالعين في ملفات الفساد ، فإنه لم يصل بعد مرحلة المحاسبة .
ولا يزال المواطنون يتذكرون ما كشفت عنه محكمة الحسابات بالأسماء والأرقام ولكن دون محاسبة الفاعلين او التحقيق معهم حتى : إنها الكشف و المكاشفة دون المحاسبة .
ولا يزال المواطنون يتذكرون كذلك ماحدث في البنك المركزي من اختلاس وتزوير ، وما حدث في الإدارة العامة للميزانية والمحكمة العليا ، وهو ما جعل البعض يشعرون بغياب الدولة وعجزها عن مواجهة “مجموعات المفسدين” التي لا تزال تشارك في إدارة الملفات بشكل صامت ولكنه فعال .
السؤال المطروح :
وهنا يتساءل الكثيرون عن إحجام النظام حتى الآن عن تقريب الكفاءات الوطنية المؤمنة بنهج الإصلاح ، والقادرة على محاربة الفساد بكل تمظهراته وتجلياته ، وتقريب الإدارة من المواطنين ورفع الظلم عنهم .
وشرعية هذا السؤال تنطلق من أن المفسدين لا يمكن ان يقودوا عملية الإصلاح .
قد يقول قائل بأن النظام يسير عبر مسلك التدرج ، فلا ينبغي أن نستعجل الأمور ولا ان نحرق المراحل .
وانه علينا أن ننتظر .
العذر _ والإنجازات
الإنجازات التي ينتظرها المواطنون تتمثل في وضع خطط اقتصادية تؤتي أكلها في المدى القريب والمتوسط .
خطط تنعكس على حياتهم المعيشية : فتنخفض الأسعار وتزداد الرواتب ويتم توظيف العاطلين عن العمل وتمويل مشاريع للشباب وقبل ذلك استرداد الاموال المنهوبة من أباطرة الفساد .
العذر
نعم لقد كان هنالك عذر تمثل في جائحة كرونا ، انعكس بشكل جدي على حياة الناس ، وقد حاولت السلطة التنفيذية مواجهته رغم ما وقعت فيه من اخطاء .
ولكن دورة الحياة عادت نوعا ما إلى طبيعتها ، والمواطنون ينتظرون إنجازات ملموسة تغير نمط حياتهم .
1 أغسطس هو بداية سنة جديدة ، واعتقد انها ستكون فارقة في مسار توقعات المواطنين والنخبة السياسية في هذا البلد ، فإما أن يرتفع منسوب التوقعات ، من خلال ارتفاع منسوب الإنجازات ، وإما أن نصاب بإحباط ونتعود على التعايش مع الوضع القائم بانتظار تحول جديد ، و المستقبل عادة هو اهم الأزمنة بالنسبة للمحبطين .